المنبر الاقتصادي (الدولار) – بينما تتجه الأسواق لإعادة تسعير الفائدة والخطوة المقبلة للفيدرالي الأميركي، استمرت معاناة الدولار تزامنًا مع استعادة الذهب بريقه، والذي تكلل بشهر خالٍ من التراجعات الأسبوعية.
وبنهاية الأسبوع الماضي ارتفعت مكاسب الذهب 2.8%، أو ما يعادل حوالي 52 دولارًا، مع صعود الملاذ الآمن لأعلى مستوى منذ أبريل 2022.
وفي المقابل من هذا، تراجع مؤشر الدولار الرئيسي، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام 6 عملات رئيسة، بنسبة 0.04% عند 102.210 نقطة، ويتجه لأسوأ أسبوع منذ 11 نوفمبر 2022.
التضخم
ترقبت الأسواق بشغف صدور بيانات أسعار المستهلكين من الاقتصاد الأميركي، نظراً لدورها في توجيه سياسات الاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق برفع سعر الفائدة.
وصدرت البيانات يوم الخميس، مشيرة إلى تراجع المؤشر الكلي لأسعار المستهلكين في الولايات المتحدة من 7.1% إلى 6.5% على أساس سنوي بما يتسق مع إجماع الآراء.
أما بالنسبة للتضخم الأساسي، فقد انخفض من 6% إلى 5.7% في ديسمبر، وتشير التفاصيل إلى انخفاض وقود السيارات بنسبة 0.6% على أساس شهري، في حين واصلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعها للشهر العشرين على التوالي بنسبة 0.3%.
وبإلقاء نظرة فاحصة على معدل التضخم الأساسي، نلحظ تراجع مؤشر أسعار السيارات والشاحنات المستعملة بنسبة 2.4% على أساس شهري، حيث يعتبر المؤشر من أبرز المحركات الرئيسية لتراجع بيانات التضخم الأساسي.
مسؤولو الفيدرالي
وأشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى الحاجة لرفع أسعار الفائدة فوق معدل 5%، وإبقائها مقيدة لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق.
وتوقعت ماري دالي، مسؤولة الاحتياطي الفيدرالي، رفع أسعار الفائدة فوق مستوى 5%، من جهة أخرى، أكد مسؤول الاحتياطي الفيدرالي، رافائيل بوستيك، التزام الاحتياطي الفيدرالي بكبح جماح التضخم، مشيراً إلى توقعاته باستمرار سعر الفائدة فوق مستوى 5% لفترة طويلة.
ووجهت الأسواق أنظارها نحو المتحدثين باسم الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول وميشيل بومان، للحصول على إرشادات بشأن الاقتصاد ومسارات أسعار الفائدة.
وفي الوقت الذي قدم فيه باول القليل من التوجيهات بشأن نظرته للسياسة النقدية، أكد على أهمية استقلال الاحتياطي الفيدرالي عن العوامل السياسية وتغير المناخ، مشيراً إلى أن معالجة التضخم قد تتطلب اتخاذ تدابير لا تحظى بقبول على المدى القصير.
في المقابل، أشارت ميشيل بومان عضو مجلس المحافظين للاحتياطي الفيدرالي إلى توقع مزيد من عمليات رفع أسعار الفائدة في الفترة القادمة.
وأضافت بومان أنه بمجرد أن نحقق معدلاً مقيداً بما فيه الكفاية للأموال الفيدرالية، فسوف نحتاج إلى البقاء عند هذا المستوى لبعض الوقت.
تسعير الفائدة
وبعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين، قامت الأسواق بتسعير رفع سعر الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس لكلٍ منهما في فبراير ومارس، مما يرفع سعر الفائدة الفيدرالية إلى 5.00%.
كما قامت الأسواق أيضاً بتسعير أول خفض لسعر الفائدة بنسبة 0.25% في وقت مبكر من نوفمبر 2023.
ومن المفترض أن يلقي اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم، المقرر عقده خلال أسبوعين المزيد من الضوء على مسار أسعار الفائدة من البنك المركزي في ضوء بيانات التضخم الأخيرة ومحدودية سوق العمل.
الأسواق
وعلى صعيد أسواق العملات الأجنبية، كانت التقلبات وتذبذب الأداء من أبرز السمات السائدة، بعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة.
في البداية، شهد الدولار الأميركي عمليات بيع مكثفة، ووصل مؤشر الدولار إلى مستوى منخفض بلغ 102.078 قبل أن يرتد مرة أخرى نحو مستوى 103.
ويوم الجمعة، اتخذت الأسواق اتجاهاً أكثر ثباتاً تجاه بيع العملة الأميركية، نظراً لضيق هوامش فروق أسعار الفائدة المتوقعة.
وانتعشت أسواق الأسهم على خلفية انخفاض بيانات التضخم، وتوقعات خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
وأضاف مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 1000 نقطة إلى قيمته في أسبوع واحد.
بريطانيا
نما الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة بنسبة 0.1% على أساس شهري في نوفمبر في مفاجأة للاقتصاديين، الذين توقعوا تسجيل تراجع بنسبة 0.2%.
بينما شهد الربع الثالث من عام 2022 انكماشاً بنسبة 0.3%، إلا أنه بعد النمو المسجل بنسبة 0.5% للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على أساس شهري في أكتوبر، والنمو المفاجئ بنسبة 0.1% في نوفمبر، يبدو أن الاقتصاد تفادى الركود فنياً “ربعان متتاليان من النمو السلبي” في الوقت الحالي.
وعلى الرغم من المفاجأة الإيجابية، أشار مكتب الإحصاء الوطني، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 0.3% خلال الأشهر الثلاثة الممتدة حتى نهاية نوفمبر، وقال الاقتصاديون إن الركود قد يتم ببساطة تأجيله وليس تجنبه.
وواصل الجنيه الإسترليني تحركه ضمن نطاق محدود، وتراوحت تداولاته في حدود 1.20-1.2250 على مدار الأسبوع.
اليابان
بلغ معدل التضخم باستثناء المواد الغذائية في طوكيو، 4% في ديسمبر، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1982، يعد التضخم في طوكيو مؤشراً رئيسياً للاتجاه العام على الصعيد الوطني، ويشير تسارع وتيرته إلى أن ارتفاعات الأسعار تتخطى توقعات بنك اليابان.
وتعتبر تلك البيانات الأحدث على صعيد الأسعار الرئيسية، قبل اجتماع البنك المركزي مرة أخرى الأسبوع المقبل، لاتخاذ قرار بشأن السياسة النقدية وتحديث توقعات التضخم.
وقد تمكن الين الياباني من تحقيق مكاسب هائلة مقابل الدولار الأميركي، إذ افتتح تداولات الأسبوع عند مستوى 131.91 ووصل إلى أدنى مستوياته عند 127.45 يوم الجمعة، بعد ان تفاعلت الأسواق مع بيانات التضخم في اقتصادي اليابان والولايات المتحدة.
وتقوم الأسواق حالياً بتسعير رفع بنك اليابان سعر الفائدة، اعتباراً من أبريل 2023، ويشير المعدل الضمني إلى تغير سعر الفائدة من -0.10% ليصل إلى 0.20% بنهاية العام.
الصين
يوجه العالم أنظاره إلى الاقتصاد المتكامل، بعد سياساته الصارمة الممتدة لاحتواء فيروس كوفيد- 19، ورغم تباطؤ وتيرة النشاط الاقتصادي والطلب المحلي المقيد، ارتفع معدل التضخم في الصين خلال شهر ديسمبر.
وتشير أحدث بيانات مؤشر أسعار المستهلكين إلى تسجيل معدل نمو بنسبة 0.2% على أساس سنوي، مرتفعاً من 1.6% في نوفمبر إلى 1.8% في ديسمبر.
وفي ذات الوقت، أدى ارتفاع عدد حالات الإصابة بالفيروس إلى تعطيل عدد من الأنشطة، وانعكس ذلك على ارتفاع الأسعار في الصين.
كما ارتفعت أحدث قراءة لمؤشر أسعار المنتجين، من -1.3% في نوفمبر إلى -0.7% في ديسمبر، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم.
الأزمة أعمق
بعدما حذر البنك الدولي من مخاطر ركود الاقتصاد العالمي في عام 2023، وبعد صدور توقعات مبدئية في يونيو 2022، تشير إلى نمو الاقتصاد العالمي في عام 2023 بنسبة 3.0%، تراجع البنك الدولي وغير توقعاته.
حيث يتوقع الآن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.7% في عام 2023، وهي أبطأ وتيرة نمو منذ عام 1993، باستثناء موجتي الكساد في عامي 2009 و2020.
وقال البنك إن موجات التباطؤ الرئيسية في الاقتصادات المتقدمة، بما يشمل خفضاً حاداً لتوقعاته إلى 0.5% للولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية، ربما تكون نذيراً بحدوث كساد عالمي جديد.
وأضاف البنك الدولي أن التوقعات القاتمة ستكون صعبة بدرجة أكبر، على الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، في ظل مواجهتها لتباطؤ الاستثمارات بأنشطة الأعمال وضعف العملة وأعباء دين ثقيلة