المنبر الإقتصادي (مؤتمر قمة “الكوميسا”) – برئاسة نبيل عمّار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، أكّد الوفد التونسي المشارك في أشغال مؤتمر القمة الثاني والعشرين لرؤساء دول وحكومات السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي (كوميسا) الذي انعقد بلوساكا، العاصمة الزامبية، من 6 إلى 8 جوان، على ضرورة تعزيز الاندماج الاقتصادي الإقليمي وإدماج إفريقيا في سلاسل القيم والإنتاج العالمية بما يخدم مصالح بلدانها ويساهم في تحقيق التقدّم الاقتصادي والاجتماعي ويدعم أسس السلم والاستقرار بمنطقتناو ذلك وفقا لبلاغ أصدرته الوزارة يوم امس الخميس 8 جوان 2023.
مشاركة تونسية ناجحة
تمّت الاشارة إلى دقّة الوضع الرّاهن في مجال التغيّرات المناخية الذي يستوجب تكثيف الجهود من أجل بلورة رؤية شاملة وعملية بالاعتماد على طرق وآليات مستحدثة لدعم الدول الافريقية وتعزيز قدراتها على التكيّف مع الآثار السلبية لتغيّر المناخ، من خلال توفير التمويلات الضرورية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية لمجابهتها، فضلا عن تعزيز الاستثمارات في الطاقات المتجددة والنظيفة وضمان نقل التكنولوجيات اللاّزمة.
واعتبر الوفد التونسي أنّ لإفريقيا ما يكفي من الإمكانيات وزيادة حتى تكون في قمّة الرخاء والتنمية في العالم، وذلك عبر تدعيم التضامن وإحكام التنظيم والايمان بالقدرات الذاتية.
وفي إطار مشاركته، بتكليف من رئيس الجمهورية، في مؤتمر الكوميسا، على رأس الوفد التونسي، التقى الوزير نبيل عمّار، على هامش المنتدى الاقتصادي الذي ينتظم بهذه المناسبة، مع السيّد Rodney SIKUMBA، الوزير الزامبي للسّياحة، حيث أعرب الجانبان خلال هذا اللقاء عن الرّغبة في دفع العلاقات الثنائية في جميع الميادين ولاسيّما في المجال السّياحي مبرزين الأهمية الكبرى التي يحتلها مجال النقل خاصة تنقل الأشخاص ورجال الأعمال داخل القارة.
مساع لتكريس الاندماج القاري
وأمام غياب انعقاد اللّجنة المشتركة بين البلدين منذ ما يزيد عن العشرين عاما رغم متانة العلاقات الثنائية وعراقتها، تم اقتراح تكوين لجان مشتركة قطاعيّة، تضمن الانعقاد المنتظم للاجتماعات بين مسؤولي البلدين وتمكّن من دفع التعاون في جميع المجالات الاقتصادية وغيرها.
على صعيد آخر، أكد الوزير على أن تونس تحرص على تطوير التبادل التجاري مع جميع البلدان الافريقية ومن بينها زامبيا، وأنّه سيتمّ تنظيم العديد من البعثات الاقتصادية المتجولة متعدّدة الاختصاصات إلى العديد من دول القارة في المستقبل القريب.
وانعقدت القمة الثانية والعشرين لرؤساء دول وحكومات السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا “الكوميسا”، هذا العام تحت شعار “التكامل الاقتصادي من أجل كوميسا مزدهرة ترتكز على الاستثمار الأخضر والقيمة المضافة والسياحة”.
قمة رفع التحديات
ويتمثل الدافع الرئيس وراء اختيار موضوع القمة في الحاجة إلى معالجة الديناميكيات الاقتصادية والتجارية الحالية، بما في ذلك آثار كوفيد التي لا تزال يعاني منها العديد من دول المنطقة، بالإضافة إلى تبعاتها على قطاع السياحة في دول “الكوميسا”، وعلى سلاسل الإمداد العالمي، وهي الأزمة التي ضاعفتها تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، فضلًا عن زيادة أعباء الديون المرتفعة، والكوارث المناخية التي تلقي بثقلها من بين أمور أخرى، على الاقتصادات الإقليمية. ومن ثم، اُختير موضوع القمة ليعكس مدى اهتمام الدول الأعضاء بالتعامل مع هذه التحديات لضمان استمرار جدول أعمال “الكوميسا” للتكامل الإقليمي على المسار الصحيح.
شهدت القمة عددًا من الأحداث والفعاليات اهمها انعقاد جلسة مغلقة لرؤساء الدول والحكومات، تم خلالها عرض تقرير رئيس مجلس وزراء المنظمة عن حالة مساهمات الدول الأعضاء في ميزانيتها، ودراسة خطط السداد من بوروندي والسودان، إضافة الى النظر في تجديد العقود والتعيين في مناصب الإدارة التنفيذية، وتحديث مقر “الكوميسا” وغيرها من القضايا الإدارية بالإضافة إلى تقرير رئيس الاجتماع الثامن عشر لوزراء الشؤون الخارجية.
يذكر ان تونس كانت قد حصلت على العضوية الكاملة في منظمة “كومسيا” في منتصف جويلية 2018 ابعد توقيع على معاهدة انضمام تونس للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي (كوميسا)، لتصبح البلاد رسميا العضو العشرين في هذه المنظمة.
ويأتي هذا التمشي في اطار سعي السلطات لتكريس عزم تونس على التشبث بعمقها الأفريقي والحريص على تطوير التكامل والاندماج القاري، فضلا عن المساهمة بصفة فعّالة في دفع عمل هذه المجموعة الإقليمية المهمة ومزيد إشعاعها وترسيخ نهج الشراكة والتعاون الاقتصادي والتجاري بين دولها الأعضاء في إطار المنفعة المتبادلة.
ومثّل انضمام تونس إلى كوميسا فرصة واعدة للقطاعين العام والخاص والمستثمرين وأصحاب المؤسسات الصناعية والمالية لخلق شراكات مع نظرائهم ببقية الدول الأعضاء في التجمع الاقتصادي المهم الذي يعد سوقا واعدة لعديد المنتجات التونسية وللمؤسسات العاملة في مجالات مثل البنية التحتية وتكنولوجيات المعلومات والاتصال والتعليم والتكوين المهني والتعليم العالي والصحة والصناعات الغذائية والهندسة، والمحاسبة، والتمويل، وغيرها.
ويقدر الناتج المحلي الاجمالي لمنطقة “كوميسا” بنحو 1.2 تريليون دولار بما يجعلها واحدة من أكبر التجمعات التجارية في العالم حيث تبلغ قيمة وارداتها السنوية حاليا نحو 170 مليار دولار فيما تصل صادراتها إلى 120 مليار دولار.