المنبر الاقتصادي (الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية) – قرر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير في مستوى 8 بالمائة لدى اجتماعه المنعقد يوم الجمعة 2 فيفري 2024 والذي خصص لاستعراض آخر التطورات على الصعيدين الاقتصادي والمالي وطنيا وعالميا.
فعلى الصعيد الدولي لاحظ المجلس تواصل الانفراج التدريجي وشبه المعمّم للتضخم وإن بنسق بطيء نسبيا ، متوقعا أن يؤثر كل من تماسك الطلب والانتعاشة المسجلة مؤخرا على مستوى الأسعار الدولية على المنحى المستقبلي للتضخم، الأمر الذي سيعيق مساره التنازلي.
وفي ظل القرارات الأخيرة التي اتخذتها كبرى البنوك المركزية على غرار بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، لا يبدو وفق البنك المركزي التونسي أن الشروع في مرحلة التيسير النقدي سيكون وشيكا طالما لم تتأكد مؤشرات التراجع المستدام للتضخم .
أما على الصعيد الوطني، فإن آخر المؤشرات الاقتصادية المتاحة تظهر تماسكا نسبيا في النشاط الاقتصادي خلال الربع الأخير من سنة 2023 وذلك باستثناء القطاع الفلاحي، وفق ما أكده البنك المركزي، مشيرا إلى تواصل ديناميكية القطاع الموجّه نحو السوق الخارجية وإن بنسق أقل تدعما مما كان عليه في السابق.
واستمر التخفيف التدريجي لتطور الطلب الداخلي، مما أدى إلى تباطؤ نسق نمو الواردات وإلى الحدّ من الضغوط المسلطة على كل من الميزان التجاري والميزان الجاري ومكّن بالتالي من تدعيم التباطؤ المتواصل للتضخم وفق البنك المركزي.
وفيما يتعلق بالقطاع الخارجي، فقد عرف الميزان عجزا قدره 4.058 مليون دينار أي 2,6 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لكامل سنة 2023 مقابل -12.451 مليون دينار أي 8,7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي قبل سنة، أي أدنى مستوى يتم تسجيله منذ سنة 2007.
وقد أدى تقلص العجز التجاري (فوب – كاف) إلى مستوى 17,1 مليار دينار في سنة 2023 مقابل 25,2 مليار دينار في سنة 2022 وتحسن فائض ميزان الخدمات (+6 مليار دينار مقابل +5,4 مليار دينار في سنة 2022) إلى انخفاض ملموس في العجز الجاري.
وبلغت احتياطيات الصرف في موفى شهر جانفي 2024 مستوى 25,9 مليار دينار (أي ما يعادل 118 يوما من التوريد) مقابل 22,4 مليار دينار أو 97 يوما من التوريد قبل سنة.
وعلى مستوى الأسعار عند الاستهلاك، أقفلت نسبة التضخم التي اتبعت مسارا تنازليا منذ شهر مارس 2023، في مستوى 8,1 بالمائة (بحساب الانزلاق السنوي) مقابل 10,1 بالمائة في شهر ديسمبر 2022، أي بانخفاض قدره 2 نقاط مائوية.
ويعزى هذا التطور وفق البنك المركزي إلى تباطؤ كل من التضخم الأساسي « دون اعتبار المواد الغذائية الطازجة والمواد ذات الأسعار المؤطرة » (8,5 بالمائة مقابل 9,3بالمائة)، بالإضافة إلى المكونتين الأخريين وهما الأسعار المؤطرة (3,9 بالمائة مقابل 7,6 بالمائة في شهر ديسمبر 2022) وأسعار المواد الغذائية الطازجة (13,3 بالمائة مقابل 18,1 بالمائة)
وتشير توقعات الأسعار عند الاستهلاك إلى استمرار انفراج التضخم الذي ينتظر أن يبلغ حوالي 7,3 بالمائة في المعدل في سنة 2024 مقابل 9,3 بالمئة في سنة 2023. بيد أن المسار المستقبلي للتضخم لا يزال محاطا بمخاطر تصاعدية قد تنجم عن ارتفاع أكثر حدة للأسعار الدولية التي تظل شديدة الارتباط بتطور السياق الجيوسياسي أو تفاقم الإجهاد المائي أو تصاعد الضغوط المسلطة على المالية العمومية.
واطلع مجلس إدارة البنك المركزي التونسي على مشروع القانون المتعلق بالترخيص للبنك المركزي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية، حيث شدد على أهمية أن يظل البنك المركزي التونسي، الذي تتمثل مهمته في الحفاظ على استقرار الأسعار، يقظا إزاء التداعيات الكامنة التي قد تنجم عن مثل هذا التمويل.
كما أشار مجلس إدارة البنك المركزي التونسي إلى أهمية ضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي بما يمكن من استعادة نمو سليم ومستدام وذلك من خلال الشروع في الإصلاحات الضرورية معتبرا أن المستوى الحالي لنسبة الفائدة الرئيسة من شأنه، دون اعتبار العوامل الأخرى، أن يدعم تباطؤ التضخم خلال الفترة المقبلة.