المنبر الاقتصادي (استراتيجية شاملة لاعادة هيكلة الديون بفاعلية) – أوصى المرصد التونسي للاقتصاد بضرورة أن تتبنى تونس استراتيجية شاملة تتضمن اعادة هيكلة الديون بشكل فعال وتطوير سياسات مالية تأخذ في الاعتبار الأولويات الاجتماعية والتنموية.
واكد المرصد في نشريته الإخبارية الأخيرة الصادرة يوم 11 ديسمبر الجاري، أنه من دون هـذه التحركات الجادة ستظل البلاد « تحت رحمة نظام مالي عالمي يفرض على دول الجنوب عبئا ثقيلا يؤثر على استقرارها ورفاه شعبها ».
ولاحظ هذا التقرير الذي جاء تحت عنوان « أزمة ديون تونس: نحو إصالح الهيكلة املالية العاملية وإطار أممي شامل لحل مستدام »، ان تونس تبقى في مواجهة تحديات معقدة في ما يخص ادارة الديون وهي لا تبذل جهودا كافية لمساندة المبادرات الجنوبية والإقليمية للمناداة بضرورة تخفيف عبئ الديون.
وتمثل خدمة الدين (أعباء الدين الخارجي والداخلي، أي سداد اقساط الديون ككل اصلا وفوائد) عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة وضغطا على نفقاتها الاجتماعية خصوصا ان حصة خدمة الدين وصلت الى مستوى غير مسبوق، وفق المرصد.
وبلغت خدمة الدين 32 بالمائة من ميزانية الدولة للسنة المالية 2024، في ظل توقعات الحكومة بانخفاض خدمة الدين العمومي متوسط وطويل الأمد في سنة 2025 بنسبة 1.1 بالمائة مقارنة بسنة 2024، أي بتخفيض يعادل حوالي 276 مليون دينار الا ان المبلغ الجملي للخدمة سيظل مرتفعا اذ من المتوقع ان يصل الى 6ر24 مليون دينار، وفق تقرير الميزان الاقتصادي 2025.
وقد طـرأت بعـض التغيرات في الخطاب السياسي حول مسألة ادارة الديون من ناحية طرح خيار التعويل على الذات عبر الية تمويل الدين الخارجي من خلال استخدام احتياطي العملة الأجنبية مع الالتجاء الى اصدار سندات جديدة من البنك المركزي كحل للخروج من هذه الأزمة، الا انه لا توجد تحركات ملموسة نحو المطالبة باعادة هيكلة الديون او الغائها ارتكازا الى عدة مبادرات عالمية طالبت بذلك، وفق المرصد.
وتعد مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين التابعة لمجموعة العشرين والتي تأسست اثر ازمة كوفيد أحد هذه المبادرات. علما ان تقرير أصدرته مؤسسة « مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط » (مركز دراسات دولي)، ان اعادة هيكلة الدين الخارجي لن تكون فعالة بشكل كبير في التخفيف من عبء الديون التونسية ذلك ان جزء كبيرا من الديون اخارجية مرتبط بجهات دائنة متعددة الأطراف لا تقبل عادة بإعادة التفاوض حول الدين، لكن 20 بالمائة من ديون تونس هي ديون ثنائية مما يفتح الباب امام امكانية التفاوض مع دول بعينها لتحقيق تخفيف في عبء الديون، وفق المصدر ذاته.