أزعور: صندوق النقد حدّد شهر ديسمبر 2022 للموافقة على القرض المُسند إلى تونس

0

أرجع مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، تحديد صندوق النقد الدولي شهر ديسمبر 2022 للموافقة على القرض المسند إلى تونس في إطار آلية “تسهيل الصندوق الممدد”، إلى وجود عدة برامج وأعمال أخرى مدرجة على جدول أعمال مجلس ادارة الصندوق.

وصرّح جهاد أزعور، في حوار أدلى به، عن بعد، الى (وات)، في سياق إصدار تقرير الصندوق بشأن “آفاق الاقتصاد الإقليمي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، تحديّات متصاعدة وأوقات حاسمة”، الاثنين، أنّه سيتم نشر الاتفاق بخصوص “تسهيل الصندوق الممدد” مع تونس بمجرد إبداء مجلس ادارة الصندوق موافقته ونشره على موقعه الرسمي.

وفي معرض اجابته حول مسألة خوصصة المؤسسات العمومية المضمنة بالاتفاق، افاد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أنّ الحكومة التونسيّة قد “وضعت آلية فرز هذه المؤسسات بحسب أوضاعها المالية والأخذ بعين الاعتبار كفاءتها وإنتاجيتها”.

وات: لماذا حدد صندوق النقد الدولي شهر ديسمبر 2022 للموافقة على القرض الممنوح لتونس؟ وهل يعتزم الصندوق نشر محتوى الإتفاق المتعلق بتسهيل الصندوق الممدد؟

جهاد أزعور: يعود تحديد شهر ديسمبر 2022 من قبل الصندوق إلى وجود عدّة برامج وأشغال أخرى مدرجة على جدول أعمال مجلس إدارة الصندوق.

وتتميّز برامج الصندوق بشفافية عالية على غرار البرامج الماضية وبمجرد إقرار هذا البرنامج سيقع نشره مرفوقا بكل المراجعات الدورية وتفاصيلها على الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي.

وات: أي جدول زمني تم وضعه لتنفيذ الإصلاحات؟ وماهي الإصلاحات، التّي سيكون لها الأولويّة في التنفيذ؟

جهاد أزعور: سيدخل البرنامج حيز التنفيذ فور إقراره من طرف مجلس إدارة الصندوق خلال شهر ديسمبر 2022، وهو برنامج مبني على شراكة بين تونس والصندوق ويحتوي على مجموعة من الإجراءات والإصلاحات، التّي ستنفذ بطريقة تدريجيّة وتتكيّف مع المتغيّرات، التّي تواجه الاقتصاد التونسي.

لقد كان لدينا الوقت الكافي للتشاور ووضع ما يمكن أن يسهم في رفع مستوى النمو وتخفيف المخاطر المالية والتقليص من العجز ومعالجة مشكلة الدين، أيضا، الرفع من منسوب الحماية الاجتماعية من خلال آلية الاستهداف ودعم السياسة الاجتماعية.

وات: في هذا السياق تم اقتراح تخصيص تحويلات مالية ضئيلة لفائدة الطبقة الضعيفة دون التنصيص على إجراءات لفائدة الطبقة الوسطى في تونس، في إطار التخلّي عن دعم الموّاد الأساسيّة والمحروقات، ما تعليقكم؟

جهاد أزعور: لقد وضعت الحكومة التونسيّة برنامجا متكاملا للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة، التّي تشهدها وحرص الصندوق بدوره على دعمها، من خلال الاتفاق الحاصل بين الطرفين بتاريخ 15 اكتوبر 2022 والقاضي بمنح صندوق النقد الدولي الحكومة التونسية قرضا بقيمة 1،9 مليار دولار لمدّة 48 شهرا من أجل مساندة سياساتها الاقتصادية.

ويتمثل برنامج دعم الصندوق لتونس في مساعدتها على التسريع في تنفيذ البرنامج الحكومي، الذي شارك في وضعه مجموعة من اطارات البنك المركزي ووقع الشاور بشأنه مع الشركاء الاجتماعيين بغاية رفع مستوى الثقة وتعزيز الدعم الخارجي لمواكبة تونس خلال هذه المرحلة الحساسة.

ويهدف البرنامج إلى المحافظة على الاستقرار عبر التخفيض التدريجي من العجز وتحويل الدعم ليكون أكثر استهدافا لمستحقيه وللحد من وطأة التضخم على الفئات الأكثر ضعفا، التّي تمثل إحدى ركائز العدالة الاجتماعية، التّي تستعمل الموارد العامّة لدعم الفئات الأكثر استحقاقا.

ويطمح البرنامج، أيضا، إلى تطوير السياسة الضريبية كي تكون أكثر عدالة علاوة على العمل على إصلاح مؤسّسات القطاع العمومي، التّي يعاني البعض منها اليوم من مشاكل ترتبط بوضعيتها المالية وقدراته على التجديد لأجل تفعيل دورها وتمكينها من المساهمة في إعادة إطلاق العجلة الاقتصادية بتونس.

كما يتمثل برنامج دعم الصندوق في تعزيز دور القطاع الخاص، الذي يعتمد موارد بشرية مميزة بالمنطقة، وتعزيز قدرته على خلق فرص العمل وهي من بين الأهداف الأساسية لتونس في ظل ارتفاع مستوى البطالة بعد أزمة كورونا.

وات: هل من تفاصيل بشأن مسار خوصصة المؤسسات العمومية المقترحة من الحكومة التونسيّة في إطار الإتفاق مع الصندوق؟ وهل يمكن تقديم بعض التفاصيل بشأن معالجة مسألة الدين العمومي لتونس في إطار الإتفاق؟

جهاد أزعور: تعاني مجموعة من المؤسسات العمومية من مشاكل مالية تكبّد المواطن التونسي، بدوره، أعباء مالية، ما يستوجب العمل على إصلاح هذه المؤسّسات وتحسين وضعها المالي وتخفيف كلفتها على الدولة.

كما يتعين على المؤسّسات العمومية والقطاع العمومي أن يكون رافعة للاقتصاد وذلك شريطة تحسين البيئة الاقتصادية والاستثمار وتسهيل وتحسين التنافسية للاقتصاد التونسي.

ووضعت الحكومة التونسيّة في إطار الإصلاحات آلية تتمثّل في عمليّة فرز لهذه المؤسّسات بحسب وضعها المالي وكفاءتها وإنتاجيتها وهو ما سيمكن من معالجة مشاكل هذه المؤسسات حالة بحالة.

وسيتم الأخذ في الإعتبار أولويات هذه المؤسسات وإستراتيجياتها وكيفية تحسين أدائها عبر عمليّة الإصلاح وتحسين مستوى الحوكمة بها أو في إطار شراكة بين القطاعين العمومي والخاص، بغاية رفع مستوى الانتاجية وتحسين القدرة المالية للدولة واعطاء فرصة للقطاع الخاص، بدوره، كي يقود الاقتصاد.

ولابد من العمل على تخفيف مخاطر الدين على الاقتصاد والذي لن يتم الا من خلال التصحيح المالي التدريجي، الذي يأخذ بعين الاعتبار المتغيّرات والتأثير الاجتماعي.

ومن الضروري إقرار مجموعة من الإصلاحات بالنظام الضريبي ليكون أكثر عدلا وتحسين مستوى التضامن الاجتماعي كما يجب أن تسهم سياسة الدعم الاجتماعي في رفع مستوى الانفاق الاجتماعي وجعله اكثر استهدافا إضافة الى رفع مستوى النمو.

ولا تكون معالجة مشكل الدين إلا بالتصحيح المالي والدعم الدولي من خلال توفير التمويل بفوائد منخفضة والقيام بإصلاحات هيكلية تحسن من الإنتاجية الإقتصادية ذات التنافسية وترفع من مستوياتها.

وات: ماهي أهم نتائج التقرير الجديد للصندوق حول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا؟ وماهي البلدان، التّي نجحت أكثر من غيرها في تجاوز إنعكاسات الأزمة الصحيّة والحرب الروسية-الاوكرانية؟

جهاد أزعور: لقد كانت سنة 2022 سنة التحوّلات الاقتصادية والصدمات الخارجية وبروز عدّة تطوّرات أثرت على اقتصاديات المنطقة على غرار الأزمة الغذائية نتيجة للحرب الروسية-الأوكرانية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وارتفاع أسعار الطاقة في الوقت، الذّي لا زالت فيه دول المنطقة تعمل على التكيّف مع تداعيات أزمة جائحة كوفيد-19.

وألقت التحوّلات الاقتصادية العالمية بثقلها على دول المنطقة، التي حافظت على مستوى مقبول من النمو سواء كانت دول مصدرة أو موردة للطّاقة وهو ما أفرز تباينا بين هذه الدول، حيث استفادت الدول المصدرة للنفط من ارتفاع الإنتاج وأسعار النفط لتحسين أوضاعها الاقتصادية، وأيضا، لتعزيز احتياطياتها ولتحسين أوضاعها المالية العامّة.

في المقابل انقسمت الدول المورّدة للنفط على جزئين، الدول متوسطة الدخل والدول الناشئة، والتي تمكنت من المحافظة على مستوى جيّد من النمو، المقدر بنحو 4،9 بالمائة خلال سنة 2022، والذي يشكل رقما جيدا بالمقارنة مع النمو الاقتصادي العالمي.

ومن بين النقاط، التّي تستدعي الاشتغال عليها خلال المرحلة القادمة، ارتفاع مستوى التضخم للسنة الثالثة على التوالي والذي كان مصحوبا بارتفاع كلفة المعيشة على المواطنين ومواجهة أزمة التضخم العالمية، التّي أدّت إلى إرتفاع مستويات الفوائد العالمية مما أثر على القدرة التمويلية لدول المنطقة، فضلا عن التراجع الاقتصادي للدول المتأثرة بالازمات.

ولا تزال دول المغرب العربي والاتحاد الأوروبي تشهد في الفترة الراهنة تباطؤا اقتصاديا.

يمكننا الاقرار بان سنة 2022 كانت إجمالا مقبولة اقتصاديا إلا أنّها تنذر بتحديات اقتصادية يجب العمل على مواجهتها عبر الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ولجم مستوى التضخم، الذي يشكل كلفة عالية على اصحاب الدخل المحدود والدخل المنخفض.

وينبغي على الدول، التّي لديها ديون مرتفعة توخي سياسات مالية تحافظ على الاستقرار الاقتصادي، فضلا عن التسريع في تنفيذ الإصلاحات، التّي من شانها ان تعالج تراكمات الأعوام الماضية سواء كانت أزمة كورونا او الازمة الاقتصادية العالمية.

وات: هل سيقوم صندوق النقد الدولي بتوفير دعم مالي جديد لفائدة بلدان المنطقة الأكثر تضررا من الأزمات المتتالية؟

جهاد أزعور: لقد واكب الصندوق دول العالم والمنطقة طيلة المرحلة الماضية منذ بداية جائحة كورونا خلال سنة 2020 وعمل على مساندتها من خلال تطوير آليات دعم مالية استفادت منه دول المنطقة بحوالي 20 مليار دولار، اضافة الى توزيع وحدات السحب الخاصة في سنة 2021 لفائدة دول المنطقة، والتي تجاوزت قيمتها 45 مليار دولار.

كما عمل الصندوق في إطار التغيّرات المناخية والازمة الغذائية على تطوير آليتين لمساعدة الدول، تمثلت الأولى في دعم عملية التحول والتحوط وتخفيف مخاطر تاثير المتغيرات المناخية على دول العالم، والية جديدة لمواجهة مشكلة الامن الغذائي.

وسيظل صندوق النقد الدولي شريكا أساسيا لدول المنطقة ومواكبا لعمليات الاصلاح من خلال الدعم التقني والمشاورات والمساعدة بالسياسات الاقتصادية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا